وترى ظاهرة التردّد في (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) لامحة لاحتمال قتله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه سبّب موته؟ (١) واضافة القتل الى الموت هي للاجابة على سماح الانقلاب بقتله المسموع ، وتقديم الموت لمحة إلى انه هو الوارد بحقه ، وأضيف هنا الى القتل لكي يرد على خلفيتهما المتخيلة وهي الانقلاب على الأعقاب ، وانهما على سواء فيها لو صدقت وحقت.
فلو قال : (أَفَإِنْ ماتَ) لم يرد الاستنكار مورده الواقع وهو ظن القتل ، ولو قال «أفإن قتل» لم يرد مورد الموت ، فالجمع بينهما يجمع الاستنكار لخلفيتهما المشتركة المزعومة.
(... انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) وهي الجاهلية الأولى (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ) ارتجاعا منكرا الى الجاهلية الجهلاء (فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً) وانما أضر نفسه (وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) الصامدين على هذه الرسالة القدسية ، حيث يشكرون هذه النعمة السابغة في الضراء كما في السراء.
__________________
ـ ويا لثقافة عالية للخليفة في تأويل القرآن لا تمنعه عن الجهل بنصوص الآيات في موته ، ولا تمنع حسّه عن الخطأ في موته!.
روى ابان بن عثمان عن أبي جعفر (عليهما السلام) انه أصاب عليا (عليه السلام) يوم احد ستون جراحة وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) امر أم سليم وأم عطية ان تداوياه فقالتا انا لا نعالج منه مكانا إلا انفتق مكان آخر وقد خفنا عليه فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمون يعودونه وهو قرحة واحدة فجعل يمسحه بيده ويقول : إن رجلا لقي هذا في الله فقد أبلى وأعذر وكان القرح الذي يمسحه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلتئم فقال علي (عليه السلام) : الحمد لله إذ لم أفر ولم اولي الدبر فشكر الله ذلك في موضعين من القرآن وهو قوله تعالى : وسيجزي الله الشاكرين ـ وسنجزي الشاكرين.
(١) نور الثقلين ١ : ٤٠١ في تفسير العياشي عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : تدرون مات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) او قتل؟ إن الله يقول : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) فبسمّ قبل الموت انهما سقتاه ، فقلنا : انهما وأبوهما شر من خلق الله.
أقول : وهذه رواية واحدة يتيمة لا تصدقها الآية ، ولئن كان قتلة واردا هكذا لكان النص «او سمّ» ام ولأقل تقدير «أفإن قتل» دون اضافة الموت ، وعبارة الترديد بينهما بنفسها تشهد انه لم يقتل ، فليس «او قتل» الا اجابة عن زعمهم قتلة في احد.