(وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) ١٤٥.
تلمح هذه الآية أنه خيّل إلى بعض البسطاء ـ لما سمعوا ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قتل ـ أنه قضى نحبه قبل أجله ولمّا يبلغ رسالته تماما؟ وهذه ضرورة رسالية ربانية في واجب الحكمة العالية التربوية ان يدوم الرسول برسالته في شخصه حتى يقضي ما حمّل منها دون إبقاء!.
فهذه الآية تؤنب تلك الجهالة في الآجال ولا سيما أجل الرسول ، مهما كان فيهم قوالون آخرون بالنسبة لقتلاهم وأنفسهم : (يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ ..) (١٥٤) ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا ..) (١٥٦).
هنا (وَما كانَ) كما في نظائرها تضرب السلب إلى اعماق الزمن الثلاث ، إحالة لهذه الكينونة مهما كانت بصيغة الماضي ، إذ لا صيغة سائغة له إلا الماضي الذي يستقبله المستقبل (أَنْ تَمُوتَ).
__________________
ـ أقول : إذا لم يعلم عمر ان هذه الآية وما شابهها في القرآن لقلة اطلاعه على القرآن فهلا رأى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ميتا وهلا حضر الصلاة عليه ودفنه ام شغلته السقيفة عن كل ذلك ، ثم وكيف انشغل بها عن موته ولا دور لها الا بعد موت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
وقد يعتذر عمر عن قولته «كنت أتأول هذه الآية» وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ، فو الله ان كنت لأظن انه سيبقى في أمته حتى يشهد عليها بآخر اعمالها وانه هو الذي حملني على ان قلت ما قلت.