الله ولو عذّب في الدارين ، ولا يريد سواها وان عذب فيهما وأثيبت : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) لا جزاء دنيويا ـ ومنه ما بأيديكم ـ ولا أخرويا قرره الله لأهل طاعته.
(وَمَنْ يُرِدْ ..) ذلك التعقيب يقدم المحتمل الأول في الأجل ، أنه اجل الرسول الأجلّ (صلى الله عليه وآله وسلم) (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا) ارتدادا على عقبيه (نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ) ثبوتا على الإيمان (نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ).
(ثَوابَ الدُّنْيا) هنا لذاتها الطليقة ، سمي ثوابا لمقارنته بثواب الآخرة ، ثم الثواب هو نتيجة العمل أيا كان ، مهما غلب استعماله على النتيجة الخيّرة ، فعمل الدنيا ينتج لها كما عمل الآخرة لها ، واين عمل من عمل وثواب من ثواب.
وترى الارادة ـ فقط ـ تخلّف الثواب أيا كان وإن لم تخلف العمل الذي يستحق به الثواب؟ كلا ، بل لا تعني الارادة إلا التي تستتبع العمل ، فالإرادة التي لا يحول بينها وبين المراد حائل مسيّر هي العمل محتما.
ثم وترى (مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا) تختص بإرادتها دون الأخرى ، كما (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ) تختص بها دون الأولى؟ ومن يردهما جمعا بينهما يعطاهما كما في دعاءهم (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) (٢ : ٢٠١) ـ (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (٣ : ١٤٨)!.