وترى الإمساك في البيوت سياجا على الفاحشة يختص ـ فقط ـ بثبوت الفاحشة بشهادة أربعة منكم ، وأما الزوج الشاهد لفاحشة زوجه غير القادر على استشهاد الشهود ، عليه أن يصبر على فاحشتها وليس له إمساكها؟.
لأن إمساك الزوجة في البيت إعلان صارخ بثبوت الفاحشة وهي غير ثابتة ، فهنا طريقة أخرى للسياج عليها كالرقابة عليها داخلة وخارجة ، وإيذاءها ممن يشهد أنها أتت الفاحشة بعد سائر نهيها ، إن كان الناهي هو الزوج أم غيره.
و «كم» في «نساءكم» تعني مع الأزواج وسائر الأولياء حكام الشرع وسائر المسلمين الذين يشهدون عملية الفاحشة ، فلا تكفي المشاهدة ـ فقط ـ في الحد المحدّد على النساء : «فأمسكوهن» بل المفروض ـ إذا ـ استشهاد (أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) حتى وإن كان شاهد الفاحشة حاكما شرعيا.
فكما لا يكفي العلم بالفاحشة لإثبات الحد لغير الحاكم الشرعي ، كذلك الحاكم نفسه حيث الخطاب يشمله كما يشملهم ، بل هو أحرى بشموله له لأنه من مدراء الشرع والمخاطبين المسؤولين الخصوص بين عامة المسلمين في السياسات الإسلامية كما في سواها.
ومما يشهد لشمول «نساءكم» غير أزواجكم ، ان الاستشهاد على الأزواج ليس بميسور إلّا نزرا قليلا ، ثم ولا يختص الحد بهن دون سواهن من النساء ولئن اختص هنا بهن فليس الجلد سبيلا موعودة لهن فإنه الرجم غير المذكور في القرآن وهو سبيل عليهن لا لهن ، وليس ليختص السبيل الموعود هنا بالتوبة فإنها مذكورة في تالية الآية ، اللهم إلّا ان يعنى ضمن المعني من «سبيلا».
__________________
ـ سورة النساء قال رسول الله (ص): «لا حبس بعد سورة النساء».
أقول : يعني لما نزلت سورة النور بعدها.