غير النادمين (فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ) ومن سواهم ف (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ).
والقول انه لن تقبل التوبة عند الموت لأنها رجوع إلى عبودية وليست إلّا في حياة التكليف الراحلة عند الموت ، مردود بأن أصل التوبة هو الرجوع إلى الله (تُوبُوا إِلَى اللهِ) مهما كان نصوحها إصلاح المستقبل في التصميم إن كان ، ثم والرجوع إلى العبودية لا واقع له للتائب عن الكفر الذي نشأ عليه منذ بداية التكليف ، فهلا توبة له إطلاقا إذ ليست له سابقة عبودية ، وواقع العبودية بعد التوبة للذي عاش كافرا ليس رجوعا الى العبودية بل هو رجوع الى الله ، الصادق فيه وفيمن يتوب إلى الله عند الموت.
ذلك ، فأصل التوبة ـ إذا ـ مقبول مهما لم يسطع التائب على شروط لها قضية انقضاء المجال فقد تقبل تماما إذا لم تكن التوبة عن مظالم فادحة غير منجبرة ، ثم وفيها أيضا يخفف عنه بالنسبة لحق الله مهما ظل عليه حق الناس.
فواقع التوبة مقبول على أية حال بالنسبة لساحة الربوبية ، محتوما أم مرجوا ، شرط أن تكون نصوحا مهما لم يبق مجال لمستقبل ، ثم التبعات الأخرى للعصيان ـ أيا كان ـ قد تغفر وقد لا تغفر ، والمغفرة هي الأصل ما كان لها مجال في حقل العدل والرحمة ، فلا يستثنى إلّا المغفرة الظالمة بحق الظالمين ، وقد يروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله عن الله تعالى : «وعزتي لا أحول بينه وبين التوبة ما دام فيه روح» (١) و «ان الله يقبل توبة العبد ما لم
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٣٠ ـ أخرج ابن جرير عن الحسن قال بلغني أن رسول الله (ص) قال : ان إبليس لما رأى آدم أجوف قال : وعزتك لا أخرج من جوفه ما دام فيه الروح فقال الله تبارك وتعالى : ...