(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (١٤٩) بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) (١٥٠).
لقد طال الحديث حول الهزيمة في أحد حيث أخذت ابعادا عميقة في نفوس المسلمين وفي صفوفهم ، فانها كانت الهزيمة الأولى بعد انتصارهم العظيم ببدر وانتظارهم العميم ان يهزموا على طول الخط ولا ينهزموا.
لذلك نرى السياق يستطرد في أخذ المؤمنين بالتأسية تارة وبالاستنكار اخرى ، وبالتقرير ثالثة وبالمثل رابعة ، وبالتحذير عن الخلفيات المحظورة للهزيمة خامسة وهكذا الأمر.
فهنا ينهى الذين آمنوا أن يطيعوا الذين كفروا كيلا يرتدوا على أعقابهم فينقلبوا خاسرين ، وترى هلّا تكون طاعة الكفار في نفسها انقلابا على الأعقاب حتى يحذر عنها حذرا عن خلفيتها الانقلاب ، ثم وما هي الطاعة المنهية هنا؟.
إنها طاعة في قولة او فعلة تنجر الى الارتداد عن صالح العقيدة ، كما أن خطوات الشيطان تقدمات للإشراك بالله أو الإلحاد في الله.
والمستفاد من الآيات التالية أنها طاعتهم في اللحوق بهم (١) واللجوء إليهم حتى يأمنوا بأسهم او ينصروهم (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) وطاعتهم فيما أرعبوهم عن أنفسهم وأرغبوهم عن قتالهم : (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ..) وتأثرهم بقالتهم «لو كان محمد رسولا لم ينهزم».
وعلى أية حال فطاعة الكفار ولا سيما حال الهزيمة العظيمة كهذه ، تخلّف
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤٠٢ عن المجمع قيل نزلت في المنافقين إذ قالوا للمؤمنين يوم احد عند الهزيمة : ارجعوا إلى إخوانكم وارجعوا في دينكم عن علي (عليه السلام).