ردا على الأعقاب ، فلا طاعة إلّا لله ورسوله (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ).
لقد انتهز الكفار ـ من مشركين ويهود ـ الفرصة الفريسة في تلك الهزيمة العظيمة القريصة ليثبطوا عزيمة المؤمنين عن مواصلة القتال ، ويخوفوهم عاقبة أمرهم مع الرسول المنهزم ، وجو الهزيمة هو أصلح الأجواء لبلبلة القلوب وخلخلة الصفوف وزلزلة الايمان والاطمئنان.
فقد يخيّل إلى ضعفاء النفوس من المؤمنين إمكانية الحفاظ على إيمانهم مع الانسحاب وقتيا إلى الكفار حتى تضع الحرب أوزارها ، وذلك وهم كبير خطير ، فإنه ارتداد إلى الأعقاب شاءوا أم أبوا ، وان لم يحسّوه في الخطوة الأولى.
(سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) (١٥١).
ذلك تأمين لقلوب المؤمنين القريحة عن الهزيمة ، وتحريض على مواصلة القتال ، وقد رجع ابو سفيان والمشركون بعد أحد إلى مكة ثم ندموا واعتزموا الرجوع فألقى الله في قلوبهم الرعب فرجعوا الى مكة فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٨٣ ـ اخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في هذه الآية قال : قذف الله في قلب أبي سفيان الرعب فرجع الى مكة ... وفيه اخرج ابن جرير عن السدي قال : لما ارتحل ابو سفيان والمشركون يوم احد متوجهين نحو مكة انطلق ابو سفيان حتى بلغ بعض الطريق ثم انهم ندموا فقالوا : بئسما صنعتم انكم قتلتموهم حتى لم يبق الا الشريد تركتموهم ارجعوا فاستأصلوا فقذف الله في قلوبهم الرعب فانهزموا فلقوا أعرابيا فجعلوا له جعلا فقالوا له ان لقيت محمدا فأخبرهم بما قد جمعنا لهم فأخبر الله رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد فأنزل الله ـ