فقد تعطي (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ما ينقض كافة الجاهليات بحق المرأة المظلومة ، إذ ما كن يعتبرن من أجزاء المجتمع الإنساني إلّا طفيليات مستخدمات ومتعا جنسية ليست إلّا هيه ، فإذا بهذه الإذاعة القرآنية تدخلهن في صفوف الرجال وتكلفهم الحفاظ عليهن وأن يعاشروهن بالمعروف!.
(فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً).
فالكراهية من ناحية الزوج قد تتحمل ومنها ما يرجى فيه خير ، وأخرى لا تتحمل كأن تأتي بفاحشة مبيّنة دونما توبة ، أم يخاف ألّا يقيم معها حدود الله فالطلاق مهما اختلفا في سماح الأخذ مما أوتين وعدمه.
وأما إذا كانت الكراهية من قبلها أو منهما ، وهما يخافان ألّا يقيما حدود الله فخلعا أو مباراة بحدودهما المسرودة على ضوء آيتهما في البقرة : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (٢٢٩).
ثم و (خَيْراً كَثِيراً) المرجو إذا تصبر معها على كراهيتها يعم خير الأولاد الذين يلدنهم ، وخير أحوالهن على أثر ذلك التصبّر بعشرة معروفة ، أم ولأقل تقدير خير أحوالهم بذلك التصبر ائتمارا بأمر الله.
(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٢٠).
فقد روي أن الرجل منهم إذا مال إلى زواج آخر رمى زوجته بالفاحشة حتى يلجئها الى الافتداء منه بما آتاها ليصرفه في زواجه الآخر فنزلت.
وإرادة الاستبدال هذه هي بطبيعة الحال في ظرف الكراهية للمبدل منها ، حين لا يحق له مما آتاها شيء لفاحشة مبيّنة أم كراهيتها أم مع كراهيته خوفا منهما