الثاني غير مقصودة ولا معلومة لهم ، فانما هي غاية ثابتة مهما لم يشعروها كما في (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) (٢٨ : ٨) والمعنيان معنيّان فإنهما لهم عانيان حسرة على حسرة في تلك القالة الغائلة ، فحين يسمع أقارب هؤلاء الميت والقتلى الكافرون هذه القالة يتحسرون كما القائلون.
وحين يذيعون هذه الشبهة بين المسلمين فلا يجدون لها موضعا عند اقوياءهم بسناد إيمانهم ، ولا عند ضعفائهم حيث نهاهم الله عن هذه القولة ، فهم يتحسرون أن خاب كيدهم وغاب ميدهم عن كتلة الايمان.
ثم (وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ) تأكيد على حصر الإماتة كما الإحياء بحضرة الربوبية ف (ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً).
وهنا «قالوا ..» من الفوارق الرئيسية بين ضفّة الإيمان والكفر ، فلا يرى المؤمن في نضاله إلا إحدى الحسنيين ، والكافر متحسر في موته أو قتله إذ لا مولى له ولا رجاء إلّا هذه الدنيّة.
فالمؤمن الصالح مدرك لسنن الله ، متعرف إلى مشيئة الله ، متعرّق في حب الله والثقة بالله ، عارف انه لن يصيبه في سبيل الله إلّا ما كتب الله ، وأن ما أصابه فيها لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، فلا يتلقى الضراء بالجزع ولا السرّاء بالزهو والهلع.
وعارف ان مجال التقدير والتدبير والرأي والشورى ، كل ذلك قبل الإقدام ، فإذا أقدم في حدود علمه وصالحه ومسئوليته المحمّلة عليه استسلم لكل الخلفيّات ، عارفا انها مقضيّة له في كتاب (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) (٥٧ : ٢٣).
ويا له من توازن بين الكدح والسعي ، والتسليم أمام الواقع الممضاة من