يرتكبها فقد خذله ولم ينصره ولم يوفقه» (١).
ثم (فَلا غالِبَ) استغراق في سلب أي غالب من دون الله ، سواء أكانت النفس الأمارة بالسوء ام سائر شياطين الجن والانس ، حيث تنتظم (فَلا غالِبَ) كل غلبة من اي غالب من بعد الله : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٦ : ١٧) (... وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (١٠ : ١٠٧).
وترى ما هو دور «لكم» بعد سلبية مطلقة لأي غلب؟ والغلب المحظور هو «عليكم» لا «لكم»؟
«الغلبة» هي متعدية بنفسها دون اية حاجة لها إلى معدّ : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) (٢ : ٢٤٩) ـ (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) (٨ : ٦٥) (غُلِبَتِ الرُّومُ) (٣٠ : ٢).
إذا فتلحيقها بجار لا يعني التعدية ، سواء في ذلك «على ـ او ـ ل ـ او ـ في» فانها لإفادة فائدة أخرى. تأكيدا لتحليق الغلبة كما في «على» : (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) (١٢ : ٢١) ام لاختصاص النفي بخاص كما في (فَلا غالِبَ لَكُمْ) حيث اللام تعني الإختصاص لسلب الغلبة بذلك المورد الخاص ، صدقا كما هنا وكذبا كما (إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ ..) (٨ : ٤٨).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤٠٥ في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه فقلت قوله عز وجل (وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ) وقوله عز وجل (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) فقال : ...