القرآن ، مما يلمح بأن اللسان كأنه فقط للموعظة! وهكذا يجب أن يكون لسان الإنسان كإنسان فضلا عمن يحمل الإيمان.
وهنا المحور الأصيل من الخمس (هُدىً وَنُورٌ) كما التوراة ، ولكنه هدى أحكامية ونور لها حيث ينير الدرب على السالكين مسلك الشرعة التوراتية ، خالصة عن كل تحريف وتجديف ، وهكذا يكون الإنجيل (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ) تصديقا عمليا في شرعة الإنجيل إلى جانب التصديق العقيدي أن التوراة النازلة من الله هي وحي الله.
وهنا «هدى» مرة ثانية قد تعني الهدى الجديدة الجادة التي تحملها الإنجيل في حالته التصفوية لشرعة التوراة المحرّفة عن جهات من أشراعها ، ثم (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) لمكان واجهة العظة الشاملة التي تتغلب على الإنجيل ، حيث تحتل الأغلبية الساحقة من آياته.
ولقد كان لزاما لشرعة الإنجيل بعد التوراة هذه الهيمنة الخلقية حيث تواجه ـ أول ما تواجه ـ قلوبا قاسية جاسية صلدة صلتة من اليهود.
ولقد يشهد الإنجيل بآياته عامة وخاصة ، أن شرعة الناموس ـ وهي شرعة التوراة ـ غير منسوخة بالإنجيل إلّا في أحكام عقابية مؤقتة.
فقد يقول السيد المسيح (ع) كما في إنجيل متى ٥ : ١٧ ـ ١٩ ـ : «لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى ، وعلم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات».
وفي إنجيل لوقا ١٠ : ٢٥ ـ ٢٦ : «وإذا ناموسي قام يجر به قائلا : يا معلم ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ فقال له : ما هو مكتوب في الناموس».