ولأن أكل الطعام للمسيح وأمه واقعية لا تنكر كخصيصة ضرورية من خصائص الأحياء المخلوقين ، تلبية لحاجة جسدية لا مرية فيها ، فكيف يكون إلها من يحتاج إلى طعام ليعيش ، والله حيّ بذاته وحيّ قبل أن يخلق طعاما وطاعما.
وهنا دور (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) دور التصديق لبشرية المسيح ورسالته حيث (صَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) (٦٦ : ١٢).
وهكذا الرائع كما الشمس في رايعة النهار نبرهن لهم ف (انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ) الدالة على كيان الألوهية وكيان المألوهين ككل (ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) وقد أفكهم الذين كفروا وهم (يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)؟!.
(قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(٧٦) :
حجة ثانية ـ بعد برهان الفقر والحاجة للمسيح عليهما السلام ـ تحلق على كل المعبودين من دون الله ، ان كيف تعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا ولو ملك لنفسه نفعا أو دفع ضر لم يكن بحاجة إلى من سواه؟.
فمهما كان فيمن دون الله نفع ودفع ضر ، ولكن أحدا منهم لا يملك ضرا ولا نفعا بصورة مستقلة هي قضية طليق الملك لهما ، حيث الملموس ليل نهار فسخ العزائم ونقض الهمم ، فلا تجد أحدا بإمكانه تحقيق كل ما يريد من نفع لنفسه أو سواه ، أم دفع ضر عن نفسه أو سواه ، وهذا هو المعني من ملك الضر والنفع.
ف (ما لا يَمْلِكُ) لنفسه فضلا عن سواه (ضَرًّا وَلا نَفْعاً) فأي نفع في عبادته وطاعته؟ والطاعة والعبادة المرسومة في الأكثرية الساحقة من