(أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧٤):
توبة إلى الله مما يقولون على الله من جارفة خارفة هارفة ، واستغفارا إياه أن يستر عنهم هذه الانحرافات بمخلّفاتها (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) للتائبين إليه المستغفرين إياه.
(مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٧٥):
هنا «إلّا رسول» كما في غيره من الرسل يحصر كيان المسيح في رسالة الله دون زائد ولا ناقص «وأمه صديقة» : هي كمال الصدق وتمامه قالا وحالا وأعمالا ، ومن الواقع الذي يثبت أنهما من البشر دون ألوهة ولا بنوة أم أمومة لله ، أنهما (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) وأكل الطعام دليل الحاجة المستمرة ، ثم الخارج منهما من حصيلة الطعام دليل آخر على بعدهما عن ساحة الألوهية ف «من أكل الطعام كان له ثقل ـ ثفل ـ ومن كان له ثقل فهو بعيد مما ادعته النصارى لابن مريم (ع)» (١) ، إذا فكيف يكون المسيح وأمه عليهما السلام إلهين من دون الله كما يتساءل المسيح : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ ..) (٥ : ١١٦).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٦٦٠ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن امير المؤمنين (ع) حديث طويل يقول فيه : «وأما هفوات الأنبياء عليهم السلام وما بينه الله في كتابه فان ذلك من ادل الدلائل على حكمة الله عزّ وجل الباهرة وقدرته القاهرة وعزته الظاهرة لأنه علم أن براهين الأنبياء عليهم السلام تكبر في صدور أممهم وان منهم من يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم فذكر دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عزّ وجلّ ، الم تسمع إلى قوله في صفة عيسى حيث قال فيه وفي امه عليهما السلام : «كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ» يعني من أكل ....