بين الخلق قدر مساعيهم ، ومنها ما يمنحه الله خاصة عباده كما يسعون ، انتجابا لهم في رسالة أو عصمة أما دونها ، فمثل أنهم يعلمون متى يموتون وأنه لا يقع ذلك إلّا باختيارهم ، قد يجوز في حقهم حيث المنفي (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) لا «متى تموت» فمن كرامات الله لهم أن يعرفهم متى يموتون ، وهكذا يأول إقدامهم على شرب السم وما أشبه من بواعث قتلهم.
ومن الغلو في حقهم أن الإمامة فوق الرسالة والنبوة ، فلأن الرسول (ص) إمام كما هو رسول ، لذلك لا يفضلون عليه (ص).
ذلك ، لأن الإمامة ـ على أية حال ـ هي فرع الرسالة واستمرارية لها ، فكيف تكون ـ إذا ـ فوق الرسالة ، وليس تفوق أئمتنا عليهم السلام على سائر الرسل عليهم السلام إلّا لما يحملون من العصمة القمة المحمدية (ص) التي هي فوق العصم كلها.
لذلك ، لا تجد إماما بعد نبي مفضلا عليه ، بل هو خليفة له وممثل عنه باستمرار دعوته ، فلأن استمرار الدعوة المحمدية المعصومة هو فوق كافة الدعوات الرسالية ، لذلك نعتقد فيهم أنهم أفضل من كافة المرسلين إلّا الرسول الخاتم (ص) الذي هم أشعة من نوره.
لا فحسب ، بل والصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها مفضلة على كافة المعصومين سوى المعصومين المحمديّين عليهم السلام أجمعين.
ذلك ، فالغلو مرفوض مرضوض في الدين كل الدين ، أصولا عقيدية أم فروعا أحكامية أماهيه من الدين ككل ، حيث الغلو تخلّف عن شرعة الحق ، فهو في حقل التقصير ضلال عامد ، وفي حقل القصور ضلال خامد ، يجب على الدعاة إلى الله أن يوضحوا لهم الحق (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) ـ (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً).