وينتهي عما هو مقترفه وذلك هو التآمر والتناهي.
فواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وواجب الائتمار والانتهاء ، يعبر عنهما بالتآمر والتناهي ، حيث فيهما الكفاية لخلق جو الخير في الكتلة المؤمنة.
ذلك ، والمنكرات دركات يجب التناهي عن أنكرها التي هي راس الزاوية فيها ، سواء أكانت بين المؤمنين أو الكفار ، فالمجتمعات التي لا تتحاكم إلى شرعة الله ، فالمنكر الأكبر فيها هو الذي منه تنبع سائر المنكرات ، وهو رفض الألوهية بتوحيدها ، فلا جدوى من ضياع الجهد في مقاومة سائر المنكرات ما لم يقاوم رؤوس الزوايا فيها.
ثم يتقدم في ذلك الدور المنكر الذي ينكره الكل دونما اختلاف حيث لا يعذر مقترفه حتى بين سائر المقترفين ، فليراع في حقل الأمر والنهي الأقدم الأساس فيهما ، ولكي تتفرع عليه فروعه فعلا للمعروف وتركا للمنكر ، توفيرا للجهود المبعثرة هنا وهناك ، وحشدا لها في جبهات موحّدة قوية صارمة ، في الأوّل فالأوّل من المنكرات الأساسية لإقامة الأسس التي عليها وحدة البنيان لصرح الإيمان.
ذلك ، وأضعف الإيمان انكار المنكر بالقلب وكما في حديث الرسول (ص) «من رأى منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه» وليس هذا موقفا سلبيا تجاه المنكر ، فإنكار المنكر بالقلب ـ حين لا يستطيع الناهي إنكاره بيده أو لسانه ـ يعني احتفاظ القلب بإيجابيته تجاه المنكر ، كالماء المختزن في خزانته ليروي العطاش عند الإمكانية والاستطاعة ، فلا بد للمؤمن أن يملأ خزانة قلبه من إنكار المنكر حتى إذا وجد سبيلا لإنكاره بيد أو لسان أنكره بهما من فوره ، أم ولأقل تقدير لا يتأثر بالمنكرات المفعولة.