فقد تقيد آية التناهي ـ هذه ـ الآيات المشترطة بصورة طليقة واجب الأمر والنهي بتحقيق المعروف وترك المنكر ككل في الآمر والناهي ، تقيّدها بالمعروف المتروك للآمر والمنكر المفعول للناهي ، فليس الشرط العدالة الطليقة للآمر والناهي وإلّا فلا يكفي العدول لتحقيق هذين الواجبين ، ثم فأين التناهي ـ إذا ـ فيما إذا ينهى عما لا يقترفه من منكر ، ثم ينهى عما يقترفه من منكر آخر ، فجو التآمر والتناهي هو الجو الصالح الإيماني برقابة صالحة بين المؤمنين حيث المؤمن مرآت المؤمن و (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).
وكما التارك للمعروف والفاعل للمنكر ملعون على ألسنة رسل الله ، كذلك ـ وبأحرى ـ التاركون للتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر ، كما لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم بثالوث (١) : «١ ـ بما عصوا ٢ ـ وكانوا يعتدون ـ و ـ ٣ ـ (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) وأقل التناهي متاركة فاعلي المنكر حتى يتركوه (٢) محاولة لترك المنكر حسب المستطاع.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٦٦٠ عن تفسير القمي بسند متصل عن مسعدة بن صدقة قال سأل رجل أبا عبد الله (ع) من قوم من الشيعة يدخلون في اعمال السلطان ويعملون لهم ويحبّون لهم ويوالونهم؟ قال : ليس هم من الشيعة ولكنهم من أولئك ثم قرأ : (لُعِنَ الَّذِينَ) ـ الى قوله ـ (وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ) قال : الخنازير على لسان داود والقردة على لسان عيسى عليهما السلام.
وفيه عنه عن أبي عبد الله (ع) قال : لما بلغ امير المؤمنين (ع) امر معاوية وانه في مائة الف قال : من أي القوم؟ قالوا : من أهل الشام ، قال (ع) : لا تقولوا من اهل الشام ولكن قولوا من اهل الشؤم ، هم من أبناء مصر لعنوا على لسان داوود فجعل الله منهم القردة والخنازير ...
(٢) المصدر عن ثواب الأعمال باسناده قال : قال علي (ع): لما وقع التقصير في بني ـ