ودعاية للإسلام ، فاستنصارا بمن يؤمن في هذه الرحلة ، وقد حصلت كأحسن ما يرام لصالح الإسلام حيث آمن النجاشي وجمع من القسيسين والرهبان وسواهم من (الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى).
فهؤلاء القدامى ومن يتابعهم بإحسان طول التاريخ الإسلامي ، هم المعنيون بهذه الآيات الواصفة ل (الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) دون الضالين منهم والمضللين ، ف (إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٣ : ١٩٩).
ولقد أمر الرسول (ص) المؤمنين أن يصلوا على النجاشي حيث مات في طريقه إليه (ص) مؤمنا بهذه الرسالة السامية ، فقال المنافقون : أنظروا
__________________
ـ رسول الله (ص) أن يخرجوا إلى الحبشة وامر جعفر بن أبي طالب ان يخرج معهم فخرج جعفر ومعه سبعون رجلا من المسلمين حتى ركبوا البحر ـ ثم يستمر في القصة بزيادات عما نقلناه عن الدر المنثور الى قوله ـ : ورجع عمرو الى قريش فأخبرهم ان جعفرا في ارض الحبشة في أكرم كرامة .. فكتب رسول الله (ص) إلى النجاشي يخطب أم حبيب فبعث إليها النجاشي فخطبها لرسول الله (ص) فأجابته فزوجها منه وأصدقها اربعمائة دينار وساقها عن رسول الله (ص) وبعث إليه (ص) بمارية القبطية ام ابراهيم وبعث اليه بثياب وطيب وفرس وبعث ثلاثين رجلا من القسيسين فقال لهم انظروا إلى كلامه وإلى مقعده ومشربه ومصلاه فلما وافوا المدينة دعاهم رسول الله (ص) إلى الإسلام وقرأ عليهم القرآن : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ) ـ الى قوله ـ : (فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) فلما سمعوا ذلك من رسول الله (ص) بكوا وآمنوا ورجعوا إلى النجاشي فأخبروه خبر رسول الله (ص) وقرءوا عليه ما قرأ عليهم رسول الله (ص) فبكى النجاشي وبكى القسيسون واسلم النجاشي ولم يظهر للحبشة إسلامه وخافهم على نفسه فخرج من بلاد الحبشة يريد النبي (ص) فلما عبر البحر توفي فأنزل الله على رسوله : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ) ـ الى قوله ـ : (ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ).