بعد التصميم فإن من التصميم ما هو غير صميم ، وأخيرا «أحسنوا» إحسانا لمراتب الإيمان وعمل الصالحات والتقوى ، مما يدل على غلظ الحرمة في الخمر وأخواتها حيث يبقى جناحها لو لا هذه التنقيات التقيات.
ومن هنا نتبين أن هذه المذكورات في هذه الآية كانت محرمة طول العهد الرسولي مكيا ومدنيا ، ولم تكن لأحد عاذرة في شرب الخمر واقتراف أخواتها ، فإن كرور الآيات هنا وهناك مرارا وتكرارا كانت تمنع عنها بأشدّه مهما اختلفت صيغ التحريم ، حتى وصلت إلى ذلك التهديد الحديد (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) مهما لم تنتهوا طوال كرور الآيات المذكرات الناهيات بمختلف التعبيرات.
وهنا «ما طعموا» تعم طعم عوائد الميسر وذبائح الأنصاب والأزلام إلى طعم الخمر ، حيث الشرب طعم مهما لم يكن كلّ طعم شربا ، وكما في مثل «ومن لم يطعمه إنه مني» فالعبارة الصالحة لجامع شرب الخمر وطعم الثلاثة الأخرى هي «طعموا».
ف «لا جناح» هنا وجاه (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) هناك تبيّن كبيرة عدم الانتهاء والعفو عن المنتهين بتلك الشروط المسرودة التي لا نظيرة لها في شروطات التوبة في سائر الكبائر ، مما يدل على أن هذه الأربعة هي من أكبر الكبائر.
ذلك ، فليس نفي الجناح هنا فيما طعموا تحليلا للمحرمات قضية أنهم آمنوا وعملوا الصالحات واتقوا وأحسنوا ، فإن قضيتها ـ وبهذه التأكيدات المتكررة ـ ترك المحرمات دون اقترافها حيث القضية لا تحمل نقيضها ، فإنما ينفى الجناح عن المؤمنين الصالحين شرط أن يكفّروا عما طعموا فيما سبق من حرام إذا طعموه ، أم يتركوه مهما لم يطعموه ، تحليلا للمأكولات