(اتَّقَوْا) الخمر منذ نزول الآية فتركوها فإنها كفارة له ، فكلما يقرب إليه راجح واجبا وسواه ، وكلما يبعد عنه مرجوح محرما وسواه ، وأصل ثان هو الموادة بين المؤمنين على توحيد الله وعبوديته ، فكل ما يورث العداوة والبغضاء بينهم محرم ، اللهم إلّا ما هو مفروض يفرضه الله ويرفضه متخلفون عن طاعة الله كافرين ومسلمين.
وهنا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تنظيم في حقل الإيمان بعقل الإيمان ، اعتصاما بحبل الله دون تفرق عنه أو تفرق فيما بينهم ، حيث إن الايمان هو رمز الوحدة في كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة ، فلا عداوة ـ إذا ـ ولا بغضاء.
وعلّ الفارق بينهما أن العداوة هي الباطنة أم هي أعم من الظاهرة ، والبغضاء هي الظاهرة قضية صيغة التفضيل ، فهما العداوة باطنة وظاهرة ، والمفروض بين قبيل الإيمان الاعتصام بحبل الله جميعا دون أي تفرق.
فالمفروض على المؤمنين تكريس كل طاقاتهم وامكانياتهم في الاعتصام بحبل الله جميعا ، وسلب كافة التفرقات حتى يسودوا سائر الناس النسناس الذين يتربصون بهم كل دوائر السوء ف (أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
فإن تركوا المعصية توبة فالله يتوب عليهم دون أن يبقى جناح الشرب لزاما عليهم.
ذلك ، ولأن شرب الخمر ناقض للإيمان فلا بد بعد التقوي عنه من تجديد الإيمان وعمل الصالحات التي تصلح لجديد الإيمان ، ومن ثم تقوى ثانية علّ منها التقوى في التصميم بعد التقوى في ترك الشرب حتى تكون توبة نصوحا ، فإن مجرد الترك لا يستلزم واقع الترك إلّا بتصميم عليه ، وإيمان ثان بعد جديده يتبنّى ذلك التقوى ، ثم تقوى في الصميم