أهواءهم ، فإنما يتبعون نظرائهم من المجاهيل.
وهنا (لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) ضربة قاسية قاضية على هكذا تقليد حيث المقلّد ـ كما المقلّد ـ لا يعلم شيئا فيه يقتدى ، ولا يهتدي إلى علم حتى يعلم فيقتدى.
فقد يقلد الجاهل جاهلا مثله بفارق أن المقلّد يهتدي إلى علم فيقلّد فيه ، ولكن الذي سدت عنه منافذ الهدى كيف يقتدى ويحتذى فيما لا يهتدي (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)!.
وهنا الواو في «أولو» عطف على محذوف معروف هو أدنى منه محظورا ك : أإذا كان آباءهم يعلمون أنهم ضالون تقلدونهم ، أم إذا كانوا علماء يخالفون وحي الله تتبعونهم؟ (أَوَلَوْ كانَ ...) وهو أنحس تقليد أن الآباء لا يعلمون شيئا من هدى ولا ضلال بل هم كما هم أولاء جاهلون ، حلقات جاهلة تشابه بعضها البعض في الجاهلية الجهلاء.
إذا فذلك تقرير لواقع تقليدهم الأنحس الأركس ، دون أن يبرر تقليدا يضاد وحي الله مهما كان المقلّد عالما عيلما.
إذا فكافة التقاليد عمياء هباء خواء إلّا ما يحصل فيه على هدى ليست فوقها هدى ، وهي في جو وحي القرآن والسنة منحصر فيهما منحسر عما سواهما مهما كان فيه وفر من العلم والهدى فان وحي الله أهدى وأنقى سبيلا.
ولقد فصلنا القول حول الاجتهاد الصالح وصالح التقليد بمناسبات في طيات آيات كالزمر والنجم وما أشبه فلا نعيد (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ).
«فيا عجبا ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها