الإعادة : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) (٣٠ : ٢٧) مهما لم يكن عند الله في خلقه هيّن وأهون ، ف (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
وهنا (خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) هي من عساكر البراهين القرآنية على أن خلق الإنسان الأول ليس إلّا بقفزة طينية ، دون انتسال من حيوان آخر إنسانا أو غير إنسان ، ومن غريب الوفق العددي بين النطفة والطين ان كلا منهما يذكر (١٢) مرة!.
ولو أن الإنسان كان خليق التكامل لكان صحيح التعبير عن خلقه عبارة آخر الحلقات ، ولا إشارة لخلقة غير طينية للإنسان في القرآن كله.
ولأن «كم» تعم الأرواح إلى الأجساد ، بل الأرواح أحرى في الكيان الإنساني من الأجساد ، فقد تعني (خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) خلق الأرواح من الطين كما الأجساد ، وكما تدل عليه أمثال : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) (٢٣ : ١٤) وسائر الآيات المصرحة بخلق الإنسان ـ بجزئية ـ من تراب ـ طين ـ ماء ـ نطفة أماهيه من مادة.
و «قلوبهم» وجاه «أبدانهم» في الأثر ، قد تعني أرواحهم ، وذلك من تجاوب الكتاب والسنة في جسمانية الأرواح كما الأجساد مهما اختلف جسم عن جسم (١).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٠٢ في اصول الكافي علي بن ابراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن رجل عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : «إن الله عز وجل خلق النبيين من طينة عليين قلوبهم وأبدانهم وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة وجعل خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك وخلق الكفار من طينة سجين قلوبهم وأبدانهم فخلط بين الطينتين فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن ومن هاهنا يصيب المؤمن السيئة ومن ها هنا يصيب الكافر الحسنة فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه وقلوب الكفار تحن إلى ما خلقوا منه».