ذلك ، وإلى لمسة ثالثة هي الحيطة الربانية على الكون كله :
(وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ)(٣) :
ولا تعني «في» هنا ظرفية هذا الكون لذات الله سبحانه ، إنّما هو ظرف لألوهيته وربوبيته للكون كله. ف (هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) (٤٣ : ٨٤) ردا على مزعمة أن ألوهيته خاصة بالسماوات وللأرض رب مخوّل من عنده أمن هو؟.
وأما (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ) (٦٧ : ١٦) فهم عمال الله من ملائكة السماء وليس هو الله كما فصلنا القول فيه عندها.
كلّا! بل إن ربوبيته تعالى تشمل السماوات والأرض على سواء ، و (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) على سواء ، (وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ) في مثلث الزمان على سواء ، وهو في مستقبله أخفى من «سركم» إذ لا تعلمون أنتم مستقبل مكاسبكم ونياتكم وطوياتكم : (وَإِنْ (١) تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) (٢٠ : ٧).
و (ما تَكْسِبُونَ) هنا قد تعم مكاسب السر والجهر في النشآت الثلاث ، الى (ما تَكْسِبُونَ) من نيات وطويات وأعمال في المستقبل بمكاسبها.
وقد تعني «سركم» هنا ما أسررتم وأنتم تعلمون ، أمّا أسرّ عنكم وأنتم تجهلون ، وهو الأخفى من السر.
ذلك ، وخير تفسير لآيتنا هذه في آية الزخرف (٨٤) وعلى ضوءهما ما يروى من حوار بذلك الشأن عن الامام الصادق (ع) حيث يجيب بعد ما يسأل عنها : «كذلك هو في كل مكان» قال : بذاته؟ قال :