إنه هو الذي أسكنهم وطمأنهم ، فكما لا سكن في الليل والنهار إلا من الله ، كذلك لا سكينة وراحة فيهما لهم إلّا من الله.
ف «سكن» على أية حال تعني سكن المكان والزمان الشامل لأيّ كان ، كما الليل والنهار لهما مكان الآفاق ، العارضان هما عليها ، ولكن القصد هنا إلى ساكني الكون في كل زمان ومكان ، وهو تعالى ليس له زمان ولا مكان.
ثم ولا يخرج أي كائن من ساكن في الليل والنهار ، أم في ليل أو نهار ، حيث المكان بين سكن الليل وسكن النهار ، اللهم إلّا العدم المطلق الذي ليس ليلا ولا نهارا ، فلا هو في ليل ولا في نهار سلبا لسلب الموضوع.
ثم الله الذي ليس ماكنا ولا مكانا وهو خارج وبائن عن ظلم الليل وضوء النهار خروجا عن موضوع الزمان والمكان والليل والنهار ، فإنهما من لزامات الكائنة الحادثة المادية ، والمجرد الطليق عن كل شئونات المادة لا هو ماكن فيها ولا هو مكان لها.
ف (ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) عبارة أخرى عن الكون المخلوق بأسره كما السماوات والأرض وما بينهما.
فكما الظرف مكانيا يشمل كل الكائنات مستقصيا أي كائن كان ، كذلك هو زمانيا حذو النعل بالنعل ، ثم الخالق للكون لا مكان له ولا زمان لأنه الخالق لهما وما فيهما ، فكما له (ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مكانا ، كذلك (لَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) زمانا ، ولا كائن مخلوقا دون مكان أو زمان أيا كان وأيان.
وترى إذا كان (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) و (ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) فلمن ـ إذا ـ ظرف المكان وظرف الزمان؟.