كما أن (ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تعني الكائن والمكان ، كذلك (ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) تعني الساكن والزمان ، وكما تصرح بذلك آيات خلق المكان وخلق الزمان ف (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) من مثلث الساكن الماكن والزمان والمكان.
ذلك! وكما أن هناك ملازمة بين خلق الزمان والمكان والساكن والماكن ، فالخالق للماكن ليس ليخلق إلّا في مكان خلقه من ذي قبل أو معه ، كما الخالق لساكن الليل والنهار ليس ليخلقه إلّا بعد خلق الليل والنهار أو معهما ، مهما كان خلق الزمان والمكان والساكن والمكان هو كله في أوّل ما خلق الله جملة ، ثم الله خلقها تفصيلا.
ثم وكما أن لكتاب التشريع محكما ومفصلا تلو بعض ، كذلك كتاب التكوين ، والكاتب واحد لا شريك له سبحانه وتعالى عمّا يشركون.
ثم ونفس السكون في الليل والنهار دليل حدوث الساكن كما المسكن ، كما ونفس التمكن في المكان دليل حدوث الماكن كما المكان ، وذاتية الحدوث للزمان لمكان التصرم الدائم ، دليل ـ وبأحرى ـ على ذاتية الحدوث لساكن الزمان والمكان.
ذلك (وَهُوَ السَّمِيعُ) للأصوات كلها «العليم» بالكائنات والكيانات والحالات والصفات والحاجات كلها ، لا تخفى عليه خافية ، وقد كتب على نفسه الرحمة ، وله العلم المحيط والقدرة الواسعة ، إذا ف (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ).
(قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(١٤) :
فحين ثبت بالبرهان أن هناك فاطرا للسماوات والأرض هو الله ف (قُلْ