شريك له في كشف الضر ومسّه ، ولا في مس الخير ومسكه ، فأنى تؤفكون ـ إذا ـ أإفكا آلهة دون الله تريدون؟ فهنا قضية واحدة لا تنقسم ولا تقبل تميّعا ولا أنصاف حلول ، إما إفراد الله في كافة اختصاصات الربوبية ، قضيّة الفطرة والعقلية والفكرة والعملية في شعيرته وشريعته ، فهو ذاك الإسلام ، وإما الإشراك بالله في أيّ من شؤون الربوبية تخلفا عن الآيات الأنفسية والآفاقية ، فالجمع بينه ومن سواه إشراك به كيفما كان مهما كان دركات كما التوحيد درجات.
ولقد أمر الرسول (ص) ـ على محتدة القمة الرسالية ـ أن يصارح بذلك الاستنكار هؤلاء المشركين الداعين له إلى الملاينة والمداهنة ، وجعل البلد شطرين وأخذ العصا من وسطها ، ليجعل لآلهتهم مكانا في شرعته لكي يدخلوا في دينه ، والجواب كلمة واحدة (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) فلا يقبل دين التوحيد أي تليين ومصالحه وأنصاف حلول ، فإنه صراح التوحيد الحق وحق التوحيد ، ورفض كل شرك عن ساحته وسماحته.
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)(١٨) :
تلك الفوقية القاهرية الربانية هي فوقية المحتد والمكانة في العلم والقدرة والتقدير والتدبير وفي كل ما تتطلبه الربوبية الوحيدة غير الوهيدة (وَهُوَ الْحَكِيمُ) في قاهريته الفائقة «الخبير» بكل سؤل وسؤال لعباده ، قاهر فوقهم عدلا وفضلا ، إذا ف «ليس القاهر على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراة ومكر كما يقهر العباد بعضهم بعضا ، فالمقهور منهم قد يعود قاهرا والقاهر قد يعود مقهورا ، ولكن ذلك من الله تبارك وتعالى على أن جميع ما خلق ملتبس به الذل لفاعلة وقلة الامتناع لما أراد به ، لم يخرج منه طرفة عين ، غير أنه يقول له : كن فيكون ، والقاهر منّا على ما