هذه الآية هي من عداد الآيات البينات التي يستدل بها على الولاية الرسالية للإمام علي أمير المؤمنين (ع) بعد الرسول (ص) فإن خلافته المعصومة وولايته استمرارية للرسالة القدسية المحمدية (ص).
ونحن في هذا الفرقان لسنا لنفسر الآيات بالصبغة المذهبية الخاصة تحميلا على القرآن ما لا يتحمله ، إنما نستنبط من القرآن بصورة مجردة ما يعنيه ، وافق مذهبنا أم خالفه في أي حقل من حقول المعرفة القرآنية.
هنا «إنما» تحصر الولاية المعنية من «وليكم» والمخاطبون هم كل المرسل إليهم في هذه الرسالة السامية ، فولاية الله معلومة أنها طليق الولاية تكوينية وتشريعية وشرعية أماهيه ، وولاية الرسول هي الولاية الطليقة الشرعية حسب ما تحدده آيات ولايته (ص) ك (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ..) (٣٣ : ٦) و (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٤ : ٥٩) وما أشبه ، فليست له ولاية تكوينية ولا تشريعية لاختصاصهما بساحة الربوبية القدسية.
وأما (الَّذِينَ آمَنُوا) فتراهم كل المؤمنين المأمورين ـ فيمن أمروا ـ بهذه الولاية؟ وكيف يوالي المؤمن نفسه إلّا حبا لنفسه هو طبيعة الحال لحد محبور ، ولا يحتاج إلى امر وتحريض ، بل الأوامر تترى على حدّ يحدد تلك المحبة بما ليس من المحظور ، إضافة إلى أن مواصفة أهل الولاية هنا ب (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) لا تختص هذه الولاية المنحصرة بهؤلاء الموصوفين ، فالمؤمن الأعرف الأتقى ممن يؤتي الزكاة راكعا إن لم تتفق له هذه الزكاة فزكى ساجدا أم قائما أم في غير صلاة ، هو خارج عن هذه الولاية المنحصرة التي تضاهي ولاية الرسول (ص) أو تساويها!.
من هنا نتبين صراحا أن ليست لهذه المواصفات موضوعية تأهل منحصرة لهذه الولاية ، فلتكن من العناوين المشيرة إلى شخص خاص أو أشخاص