وتلك العداوة والبغضاء الملقاة بينهم أولاء اليهود ، ثم العداوة والبغضاء المغراة بين النصارى كما في آية اخرى ، هي من نتائج كيدهم وميدهم ضد دين الله والدينين المؤمنين بالله.
(كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) وهنا (ناراً لِلْحَرْبِ) استعارة لطيفة حيث شبهت بواعث الحرب بالنار لاحتدام قراعها وجد مصاعها وأنها تأكل أهلها كما تأكل النار حطبها ، والقصد من نار الحرب هي التي ضد المسلمين القائمين بشرائط الإيمان ، ف (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) (٣ : ١١١) ونارا للحرب قد تعني الحرب الباردة الدعائية ضد الإسلام ف (أَطْفَأَهَا اللهُ) هنا بارزة بحجة القرآن البالغة التي تذود عن ساحته كل وصمة وكل دعاية مضللة ، ثم الحرب الحارة دينيا وكذلك الأمر ، وأما العسكرية فهنا الحرب سجال ، وثالوث حربهم مطفية بما أطفأها الله ، اللهم إلّا الحروب التي تشن على المسلمين غير القائمين بشرائط الإيمان.
(وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) وذلك صبغة يهودية عالمية أينما وجدوا ، ولا سيما بعد ما شكّلوا دويلة أو دولة بما احتلوا فلسطين والقدس ، ويحاولون أن يوسعوا نطاق الاحتلال الصهيوني ، وقد أخبرنا الله بقضائه إليهم وعليهم : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً .. فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً ... فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) (١٧ : ٧)(١) ومن لطيف الوفق العددي بين الحرب والأسرى بمختلف صيغهما ان كلا يذكر في القرآن (٦) مرة مما تلمح بان الحرب الاسلامية قضيتها الأولى الأسرى من الكفار!.
__________________
(١) لتفصيل البحث حول الآية راجع الفرقان ١٥.