الأعمال لسبق ذكر الأجل ، مما يؤيد أن (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) تشمل أمم الموت مؤمنين وكافرين ، فكما (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) كذلك (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) وكذلك كتاب الأعمال وما كتب الله عليهم بها من العقاب في كتابه حسب كتاب الأعمال ، وقد عبر ـ مرارا ـ عن مثبتة الأعمال في سجلاتها بالكتاب : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٥ : ٢٩) ، (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (١٧ : ١٤) فالكتابان ـ إذا ـ هما معنيّان بفارق أن نيل نصيب كتاب الأجل يختص بالدنيا بنفسه ، ثم نصيب كتاب العمل يشمل النشآت الثلاث والمعني منها هنا نصيب الدنيا بآثار الأعمال السيئة.
صحيح أن هنا عملا دون حساب وهناك حساب دون عمل ، ولكن «نصيب من الكتاب» هو خليفة حاضرة لا مرد عنها مما لا بد منها ، فان للأعمال آثارا في الحياة الدنيا كمالها في الأخرى مهما كان كمالها في الأخرى.
ثم ومن «الكتاب» ما كتبه الله من أعمار وأرزاق للعباد ، فكما للصالحين نصيب كذلك للطالحين ، إذ (كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) (١٧ : ٢٠).
فكما (يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) رزقا في الحياة الدنيا وأجلا فيها فان (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) (١٣ : ٣٨) كذلك (يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) الذي كتبوه بأعمالهم ، فهم عائشون بين الكتابين ولا يظلمون فتيلا.
ذلك ، وان لهم انصبة من الكتاب أولاها في الأولى ، وأخراها في الأخرى ، وأوسطها بينهما حيث (مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ، ومن الوسطى :
(حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ) وهم الرسل الملائكية الغلاظ الشداد : (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) (٨ : ٥٠).