ولكن الجمع في البرزخ كائن في آخر الأمر ، فالأموات قبل القيامة الأولى أخذوا مواقعهم فيه ، ثم الذين يلونهم في القيامة الأولى يدخلون فيما هم داخلون وهنا (ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً).
وأما الصعقة الشاملة (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) في القيامة الأولى ، فلا تنافي حياة برزخية بعدها فيها يثابون أو يعذبون.
وقد تعم «أدخلوا» إلى مدخل البرزخ مدخل القيامة الكبرى (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً ..) ف «ادخلوا» للبرزخ أمر حاضر دون فصل ، وللأخرى أمر حاذر للمستقبل ببرزخ الفصل.
ثم «الجن» الداخلون مع «الإنس» في النار هم شياطين من الجن وفسقة يستحقون النار البرزخية ، مما يدل على أن الإنظار إلى يوم الوقت المعلوم لا يشمل كل شياطين الجن ، فقد يشمل مع الشيطان الأوّل الشياطين الأول من صناديدهم كما هو قضية (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) فهنا شياطين منظرون مع الشيطان الأول ، وهم ـ بطبيعة الحال ـ أضرابه من رؤساء الشيطنة ، أم يشمل كل شياطين الجن لمكان (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) فدون الصالحين منهم هم قدد الشيطنة ، المنظرون مع هذا الشيطان.
وعلى أية حال فهناك منظرون من الشياطين هم كلهم أم بعضهم دون فسقه الجن ، فإنهم كما الإنس غير منظرين.
وترى كيف (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) وأمم النار أصدقاء مرافقون موافقون في أسباب النار واستحقاقاتها؟.
إن الملاعنة هناك هي قضية ظهور الملكوت ، ف (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (٤٣ : ٦٧) ثم الموادة بينهم كانت قشرية على الأهواء الطائشة ، وقد مضت وأدبرت ، ثم ظهرت فاسدة كاسدة فقضت بما قضت ، فكل تعاون بين هؤلاء الأخلاء في الفسوق تكون هناك مادة العداء الظاهرة ، وقد كانت مستورة أم متغافلا عنها : (لَقَدْ كُنْتَ