فأزال الله الخوف عنه بهذه الآية» (١).
أم وحرج مستقبل في مستقبلات الدعوة عليه أن يطارده بتصبر وصمود بما وعده الله النصر : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ)(٤٠ : ٥١).
لذلك (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) لأنه (كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من ربك ، فالذي أنزله إليك هو حاسب كل حساباته ، فخذ يا صاحب الدعوة الأخيرة مسيرك إلى مصيرك ، ولا تتحرج في مواقفك ، ولا تتخرّج إلا موفقا محبورا ، فسر وعين الله ترعاك.
وهنا «لا يكن» نهي عن أن يكون ، وليس نهيا عما هو كائن ، فقد تعني كما تعنيه (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى) (٢٠ : ١٦) في موسى ، وفي أضرابها لأضرابه من الدعاة الرساليين ، وبأحرى في هذا الرسول : ف (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) (٣٣ : ٣٨).
و (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ..) وما أشبه ، إعلانا جاهرا في هذه الإذاعة القرآنية ألّا خمود ولا ركود ولا ارتجاع لهذه الداعية عن الدعوة ، فليحسب الأعداء والمتاجرون كل حساباتهم ، ولييأسوا عن القضاء عليه بمختلف المكائد والمصائد.
ثم ولو كان هنا واقع لذلك الحرج ـ لو خلي الرسول وطبعه ـ فهو كما كان لموسى أمام الدعوة الفرعونية حيث (قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ... قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) (٢٠ : ٣٦) والنهي عن هذا الحرج يعني الأمر بإزالته بما هو يسعى ، وما يرجوه من الله ، أم يعنيهما رفعا ودفعا ، رفعا لما كان ، ودفعا عما قد يكون من حرج في هذه السبيل الطويلة الملتوية الصعبة ، فلقد نازلوه بضربات هدّامة وواصلوا الدعايات المحتالة المتواصلة في تكذيبه لحد كان ينوي أن يترك بعض ما أوحي الله
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٤ في مجمع البيان وقد روي في الخبر أن الله ..