إذا فاتباع من دونه بكتابه من أولياء عمليا يصطدم وعقيدة التوحيد ، فإنها ليست ـ فقط ـ تصورا قاحلا عن مظاهر ، إنما هي حقيقة تحلّق على كل جنبات الحياة ظاهرة وباطنة.
فولاية الطاغوت وعبادته بكتاباته لا تعني ـ فقط ـ تأليهها ، بل واتباع أحكامها مهما خيل إليه أنه موحد لله لا يشرك به شيئا (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) حق الإتباع في حقله حيث يخيل إلى مجاهيل أن العقيدة الصالحة هي الكافية مهما تخلفت طقوس وأعمال عما يرسمه المعبود الحق.
ذلك «ففي إتباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم وفي تركه الخطأ المبين» (١).
وهنا «اتبعوا» يحلق على كافة الاتباعات بأسرها للشرعة القرآنية ، علمية وعقيدية وعملية ودعائية ، قفوا على آثارها دون إبقاء ولا استثناء.
فالولاية التوحيدية لله هي ولاية إتباعه في شرعته ككل أصولا وفروعا ، دون تشطير البلد شطرين وأخذ العصا من جانبين ، اكتفاء في ولاية الله بمتخيّل العقيدة ، ثم الأعمال تابعة لسائر الأولياء (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ)!
«قليلا» تذكركم و «قليلا» الذي تذكرونه من الحق ، اعتبارا بعنايتي الموصول والموصوف في «ما» ومن قلة التذكر إتباع سائر الحجج اللجج ، غامرة في التيه ، بعيدة عن هدي القرآن بما فيه ، فكل مستند غير (ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) خارجة عما أنزل الله ، داخلة في «من دونه من أولياء» من إجماعات وشهرات وقياسات واستحسانات واستصلاحات ، أمّا هو آت من غير «ما أنزل الله» ، كما وكل إله من دون الله طاغوت.
فهؤلاء الذين يفتون بغير ما أنزل الله أم ضده هم أولياء من دون الله ،
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٤ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال قال أمير المؤمنين في خطبته : قال الله : «اتبعوا ..» ففي اتباع ...