فاتباعهم خروج عن توحيد الله إلى الإشراك بالله أو الإلحاد في الله.
ولئن قيل : إذا فاتباع السنة فيما لا توافق القرآن ولا تخالفه ، هو أيضا خروج عن التوحيد الحق؟ ولا يستغنى عن السنة فيما لا نص له من الكتاب!.
قيل : السنة القطعية هي أيضا مما أنزل الله مهما كان على هامش الوحي القرآني ، فمما أنزل الله هو فرض طاعة رسول الله : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ..) ولا تعني طاعة الرسول بعد طاعة الله إلّا طاعته في سنته الجامعة غير المفرّقة ، فلله الولاية الطليقة في كل حقولها ، ولكتابه والرسول ولاية شرعية طليقة لأنهما من الله ، ثم لا ولاية طليقة بعد الله وكتابه ورسوله والرساليين المعصومين بعده.
إذا ف (ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) تعم إلى نازل القرآن نازل السنة القطعية ، وإلا لكان صالح التعبير «اتبعوا الكتاب» فالنازل من ربكم هو واجب الإتباع من أصل الكتاب وفرع السنة ، دون شتات الروايات المخالفة للقرآن ، أم غير ثابتة الصدور.
ذلك ، فهذا السلب (وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) بعد ذلك الإثبات (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) يحصران الإتباع المسموح في شرعة الله بما أنزل الله ، المحصور في الكتاب والسنة القطعية ، تمثيلا لكلمة (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ).
ثم (لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ) : الله وكتاب الله ، «أولياء» تنفي أية ولاية ربانية عن سائر الأرباب وسائر الكتابات ، فكما أنه ولي المؤمنين ، كذلك ـ وبأمره ـ كتابه وليهم الوحيد بين الكتابات.
فها هي قضية دين الله ـ الأساسية ـ إنه إما إتباع خالص لما أنزل الله إسلاما ـ فقط ـ لله ، إفرادا له بالحاكمية الطليقة ، وإما إتباع الأولياء من دونه إلحادا فيه ، أو إشراكا به ، أم جعلا للبلد شطرين : عوانا بين التوحيد والإشراك ، وهذا الثالوث خارج عن إتباع ما أنزل الله ، داخل في إتباع من دونه من أولياء.