المرسل إليهم ـ وهم كافة المكلفين من الجنة والناس وسواهما ـ عما أجابوا الرسل ، لا جهلا عما كانوا يعملون ، وإنما استحصالا لما في الصدور حتى يقروا بأنفسهم بما كانوا يعملون.
هنا سؤال المرسلين يجمع إلى تغرير لهم وتعزير تقريرا في ذلك المشهد أنهم بلّغوا رسالات ربهم دونما قصور أو تقصير ، فهو لهم احترام زائد ولمن تخلفوا عنهم اخترام بائد.
ثم وفي وجه شمول «المرسلين» كافة الدعاة المسؤولين ، تنديد بمن قصّر منهم في بلاغ الدعوة الربانية ، ثم الله هو الذي يقص كلما حصل :
(فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ)(٧).
قصّ رباني لأعمالهم وأحوالهم «بعلم» سابق سابغ إذ (ما كُنَّا غائِبِينَ) ف : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٥ : ٢٩).
وذلك القص هو مربعة الجهات والجنبات ، هي ١ : قص رباني دون وسيط ، ٢ وبوسيط الأعضاء ٣ والأرض ٤ وسائر الشهداء من النبيين والملائكة الكرام الكاتبين ، ولكي تكمل الشهادة ويغرق المشهود عليهم في غمراتها فلا يجدوا سبيلا لنكران.
__________________
ـ بلغتهم فليبلغ الشاهد الغائب ، ثم انكم تدعون مفدمة أفواهكم بالفدام إنّ أوّل ما يبين عن أحدكم لفخذه وكفه ، وفيه أخرج البخاري ومسلم والترمذي وابن مردويه عن ابن عمر قال قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كلكم راع وكلم مسئول عن رعيته فالإمام يسأل عن الناس والرجل يسأل عن أهله والمرأة تسأل عن بيت زوجها والعبد يسأل عن مال سيده ، وفيه أخرج ابن حبان وأبو نعيم عن أنس أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ان الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ، وفيه أخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن أنس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فأعدوا للمسائل جوابا قالوا : وما جوابها؟ قال : اعمال البر ، وفيه أخرج الطبراني في الكبير عن المقدام سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : لا يكون رجل على قوم إلا جاء يقدمهم يوم القيامة بين يديه راية يحملها وهم يتبعونه فيسأل عنهم ويسألون عنه.