ذلك ، فليس التدلي المعرفي انمحاء الذات المحمدية عن بكرتها أو اتحادها بذات الله ، أو تبدلها بها ، فإن تبدّل الممكن بالواجب قوسا صعوديا ، كتبدل الواجب بالممكن قوسا نزوليا ، كلّ منهما تجاف عن كيانه ممكنا أو واجبا ، والتجافي غير التبدل ، والتبدل تناقض حين يراد منه التحول على حالته إلى الحالة الأخرى وانمحاء حيث يراد زوال كل وحدوث الآخر.
إنما هي غاية المعرفة الممكنة بإزالة كافة الحجابات تفاضلا دون إزالة حقيقية ، فحين يتغافل الإنسان عن كل شيء يتجلى له ربه كما يصح ويمكن.
فلا يتصاعد الخلق إلى كيان الخالق ، وكما لا يتنازل الخالق إلى كيان الخلق. وكل ما في الدور هنا تقرب الخلق إلى الخالق معرفة وعبودية ، دون وصول أو اتصال أو فناء حقيقي ، اللهم إلا التناقل القاصد عن كافة الحجابات الممكنة الزوال.
ذلك ، وعلى زغم البراهين الفطرية والعقلية ونصوص الكتاب والسنة
__________________
ـ ويقول ابن العربي : «سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها» اعتبارا انه التوحيد الحقيقي وكما يعتبر الثالوث عند المسيحيين هو التوحيد الحقيقي المعبر عنه بتوحيد التثليث ويقول : فإن قلت بالتشبيه كنت مشبها وإن قلت بالتنزيه كنت معطّلا وإن قلت بالأمرين كنت مسودا وكنت إماما في المعارف سيدا.
ويقول صدر الدين القونوي : «فقل الله وما سواه عدم بحت» وعلى ضوء وحدة حقيقة الوجود والموجود يقولون ما يعنيه : اگر مسلم بدانستى كه بت چيست يقني كردى كه دين در بت پرستى است.
ويقول ابن العربي «إن الله شاء أن يعبد في كل صورة» وقال في قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) بأن : «هذه قضاوة تكوينية ، أي واقع الأمر كذلك ، فعبدة الأوثان والأصنام عبدة الله» وقال أيضا : إن فرعون قد غرق في بحر التوحيد ، وقال في الفص الهاروني من كتاب فصوص الحكم : إن غضب موسى على هارون إنما كان لأجل منع هارون بني إسرائيل عن عبادة العجل ، وعن إلقاءه التفريق بينهم حيث كانوا عبدة الله ، فلهذا أخذ موسى بلحية هارون!.