ذلك ، وفي نظرة أخرى إلى الآية (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) لا تعني «كل شيء» على الإطلاق ، ولا كل شيء من دين الله الموزع على الشرائع الخمس ، بل هو (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) تصلح للشرعة التوراتية لزمنها ، ف «كل شيء» في حقل شرعة الله تعني الدين كله ، و «من» هنا تعني بعضا منه يختص بالدور التوراتي وكما تعنيه (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا(١) تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ..) (٤٢ : ١٣).
ثم «موعظة» تليينا لهم بعد بالغ الحجة التي تحويها هذه الألواح ، ومن ثم (تَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) تخص الشرعة التوراتية ، دون كل شيء كما القرآن ، المهيمن على ما بين يديه من كتاب ، الحاوي لزيادة عليه يحتاجها المكلفون إلى يوم الدين.
(فَخُذْها بِقُوَّةٍ) في بعدي العصمة البشرية التي حصلت عليها قبل العصمة الرسالية ، وهذه العصمة الرسالية ، تكريسا لكل قواتك لأخذ الألواح علميا وعقيديا وعمليا رسوليا ورساليا.
(وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) وهنا مفعول «يأخذوا» محذوف معروف من ذي قبل وهو الألواح ، فالباء في «بأحسنها» لا تعني التعدية ، فهي في مثلث العناية : ابتداء ومصاحبة وسببية ، أن يكون بازغ أمرهم «أحسنها» مصاحبين إياه ومتسببين به إلى كل خير.
و «أحسنها» كما أسلفناه هو أحسن أخذة وأحسن قوة ، وأحسن نفسية ونفاسة حيث الألواح كلها أحسن ، ثم وأحسن عند دوران الأمر بين المهم والأهم فيها ، أم والأخذ بالأحسن هو أقل تقدير في تلك الأخذة بالقوة ، دون وخزة.
فيقرب خماسية بأحسنها في مثلث معاني الباء تصبح المحتملات خمسة عشر احتمالا : أخذا بأحسن أخذة ابتداء ومصاحبة وسببية ، وبأحسن قوة كأخذة ، وبأحسنها ككل ، ابتداء بالكل ومصاحبة للكل وتسببا