لهم عنها ألا يؤمنوا بها حيث عاشوا تكذيبها والتغافل عنها ، جزاء وفاقا.
فالمتكبر في الأرض بغير الحق ـ وكل تكبّر في الأرض هو بغير الحق وليس التكبر مع المتكبر تكبرا في الأرض بل هو خاص بحقله الخاص ـ هو مصروف عن آيات الله ، ومن منتجات ثاني الصرفين ـ الذي هو من منتجات (بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) بعد تكبرهم في الأرض وقضيّته ـ إن منها (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها) كرأس الزاوية من ثالوث منتجاتهم (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) رغم رؤيتهم (إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) جبلة تجنح عن سبيل الرشد حيثما رأته ، وتجنح إلى سبيل الغي حيثما لاح لها.
إذا فهي جبلة الغي والضلال إذ هي تعاكس الحق إلى الباطل والباطل إلى الحق : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (١٨ : ١٠٤).
فهنا سببان اثنان تلو بعض ، ونتيجة بعضها البعض ، هما «يتكبرون ـ كذبوا ..» وهما الموجبان لصرفهم عن آيات الله ، ولثاني الصرفين ثالوث «لا يؤمنوا بها ـ لا يتخذوه ـ يتخذوه».
هذا ، وذلك تهديد شديد مديد بما يحاوله المتكبرون من نقض القرآن ونقصه أو نقده ، ولحد الآن ما استطاعوا على شيء من ذلك ولن ، وكذلك يهدّدون أن يصرفوا عن تفهّم القرآن كما يحق نتيجة تكذيبهم به ، فهم في ريبهم يترددون.
ذلك وهنا لك صروف أخرى «عن آياتي» أن يصبحوا فاضي الأيدي والأبصار عن آيات الله البينات بكل حصائلها ووسائلها ، صرفا عن بيناتها ، وزياداتها ، ونقضها ، والنقص فيها ، والصد عنها ، ثم واجتياحهم واصطلامهم صدا عن كل ما يريدون من دوائر السوء بها ، فتصبح الآيات النافعة لمن يبصرون إليها وبها ، اليافعة لهما في الأولى والأخرى ، تصبح لهم ضارة فيهما.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا