يكون المحظور واقعا من الأمور.
وراح ثالث يصيدونها في يوم السبت ولا يأكلونها في نفس اليوم تأويلا أن المحرم هو أكلها يوم السبت ، رغم أن الأكل لم يكن بنفسه من ضمن السبت : القطع ، إنما هو العمل صيدا أم صدا للصيد أما أشبه من أعمال غير ضرورية يومية.
وترى كيف كانت حالة الباقين الذين لم يعدوا في السبت تجاه الذين عدوا فيه؟ إنهم اقتسموا قسمين اثنين ، قسم نهوا عن السوء ، وآخرون سكتوا عنه ونهوا هؤلاء عن نهيهم عن السوء ، أم وثالث سكتوا عن النهيين ، نهي الناهين ونهي العاصين.
(وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)(١٦٤).
فهنا عظة للذين كانوا يعدون في السبت من أمة منهم (يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) ، وأمة أخرى لا تعظ العادين ، وإنما تعظ هؤلاء الواعظين : «لم تعظون ..» تنديدا بهم كأنهم أتوا بمنكر في نهيهم عن المنكر ، (قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) وهما دعامتان في حقل الأمر والنهي للحافظين حدود الله وكما يقول الله : (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً. عُذْراً أَوْ نُذْراً) (٧٧ : ٦).
فعلى الداعية مواصلة الدعوة بإلقاء الذكر ، فإن لم يؤثر ف «عذرا» عند الله أنني بلغت ، ولكيلا يكون في تركه حجة للمتخلفين ، وإن أثر ف «نذرا» ف (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) (٣٦ : ١١) إنذارا مؤثرا.
فالإنذار بكل بنوده هو واجب الداعية في كافة الحقول. سواء لهؤلاء الذين (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣٦ : ١٠) فإنه (سَواءٌ عَلَيْهِمْ) لا عليك (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) (٣ : ٢٠).