الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (٢ : ٢٩).
وقد يعني (مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ) إلى هذه الأرض وسائر الأرضين السبع ، أرض الجنة التي أسكن فيها آدم وزوجه ، و «كم» اعتبارا بأنهما الأصل الأول ، الحامل لكل الأنسال الإنسانية ، وسائر سكنة سائر الأرضين المكلفين كما لمحت لهم آية الطلاق (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ).
ف (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) في الدور الأول لآدم الأول ، ثم (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) لما بعد من أدوار الأنسال في هذه الأرض البلية الاختبار بالاختيار ، كما و (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) لسائر المكلفين الساكنين في سائر الأرضين.
فليس ذلك التمكين ـ فقط ـ تمكين المكان ، بل والمكانة الحيوية المعاشة بتمكين كل الموافقات التي تسمح بحياة الإنسان عليها ، تمكينات متصلة فيها بما أودع الله لها من موافقات وخصائص ، وأخرى منفصلة بفصائل خاصة قاصدة بينها وبين الشمس والقمر وسائر الأنجم ، ودورتها حول الشمس كدوران الشمس ، وميلها على محورها ، وسرعة خاصة لهما في ذلك التداور ، وإلى كافة التمكينات في كرتنا الأرضية التي إن تعدوها لا تحصوها (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ)!
لقد مكن الله أبوينا الأولين في الأرض ، ثم مكّن ويمكّن نطفنا في قرار الرحم المكين : (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ. فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ) (٨١ : ٢٠) ثم التمكين العام رحمانيا لكل الأجنة في قرار الأرض ، ثم تمكينات خاصة رحيميا لعباد بدرجاته على درجاتهم ؛ (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) (٢٨ : ٥٧) وإلى تمكين ومكانة عامة : (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ) (٢٤ : ٥٥).
وهنا تصورات سخيفة تصوّر الكون عدوا للكائن الإنساني ، وتصوّر