فالهبوط الجمعي بعد ذكر الشيطان وآدم وزوجه ، إنه نصّ في هبوطهم جميعا دون ريب.
وهنا (مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) يعني حين الموت وحين قيامة الإماتة ، وهذه لمحة أخرى إلى مديد إنظار الشيطان أنه كان إلى هذه القيامة ، دون (يَوْمِ يُبْعَثُونَ) خلافا لما تطلّبه ألا يموت مع الموتى.
(قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ) (٢٥).
فأرض التكليف البلية ، والاختبار الإختيار ، هي المحيى والممات والمخرج إلى القيامة الكبرى ، سفرة مثلثة الجهات فيها.
وإلى هنا انتهت التجربة الأولى في حق الإنسان الأوّل بحقل الجنة ، وتكشفت خصائص الإنسان الكبرى ، واستعد ـ إذا ـ لخصائصه الكامنة لمزاولة خلافته الأرضية عن الغابرين ، وللدخول في معركته المصيرية مع عدوه المعلن في بداية القضية ، فالعداوة مستمرة بينه وبين الشيطان ، ثم وبين بني الإنسان أنفسهم بنوازع شيطانية.
فلقد هبطوا إلى الأرض ، أرض الصراع الدائم والنزاع القائم ، بين محض الشر ، ومزدوج الاستعداد لكلا الخير والشر ، فانتهت الجولة الأولى تتبعها جولات وجولات على مدى هذه الحياة.
وإليكم على ضوء هذه الآيات الناصعة القاصعة الخطبة القاصعة لعلي أمير المؤمنين (عليه السّلام) حيث يعرض فيها مداخل الشيطان ومخارجه من الإنسان :
«الحمد لله الذي لبس العز والكبرياء ، واختارها لنفسه دون خلقه ، وجعلها حمى وحرما على غيره ، واصطفاهما لجلاله ، وجعل اللعنة على