(وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)(٤٩).
ذلك الكتاب هو كتاب الأعمال الصوتية والصورية إمّا ذا كما استنسخه الله (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٥ : ٢٩) استنساخا لنفس العمل كأعمال ف (وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) «كأنه فعله تلك الساعة» (١) فلو لم تكن نفس الأعمال وكانت حكاية اخرى غيرها لم يجدوا ما عملوا حاضرا! (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) أن يكتب ما لم يعمل من سوء ، او يكبت العامل أزيد من استحقاق جزاء غير وفاق ، أم لا يكتب سوء او ينقص من سوء ظلما على تاركي السوء إمّا ذا؟.
(وَوُضِعَ الْكِتابُ) بمعرض المحشر حيث يراه ويسمعه ويفهمه صاحبه وسواه ، ووا ويلاه من هذا العرض وذلك الوضع ، (فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ) وهم يتأملونه ويتملّونه فإذا هو جامع لما أجرموا دون إبقاء (مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ) خائفين على حبه ، حبّا لأنه منهم ، وخوفا من عقباه الحاضرة ، فالإشفاق «من» يزيد خوفه على حبه ، والإشفاق «في» يزيد حبه على خوفه ، فلان إشفاقهم خال عن رجاء فخوفه زائد على حبه ، بل ولا حب بعد هنيئة يرون جزاء ما فيه ويتمنون فراقه : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٢٦٦ في تفسير العياشي عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إذا كان يوم القيامة رفع الإنسان كتابه ثم قيل له : اقرءه ـ قلت : فيعرف ما فيه؟ فقال : انه يذكره ، فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم إلّا يذكره كأنه فعله تلك الساعة فلذلك قالوا : (يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) وفي نقل آخر وقال (عليه السلام): يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه كأنه فعله تلك الساعة ـ ثم استدل (عليه السلام) بالآية :