وسلم) «فمن لم يسجدهما فلا يقرءهما» (١) والثانية أوجب وأحرى بها لمكان الأمر بها.
ومدنية السورة لائحة من آي الهجرة ، والإذن للقتال ، وناصية القوة في العدّة والعدّة للمسلمين ، المعدّة للنضال ، وقد يلمح الإذن للقتال مع بعض السياق من آياتها ، انها من المدنيات الأوائل حيث أسّست دولة الإسلام جديدة قائمة على ساق ، محضّرة نفسها لغزوات ، وكما الظلال المحلّقة على جو السورة هي ظلال القوة والهيبة والهيمنة والتحذير والترهيب واستجاشة مشاعر التقوى على الطغوى.
فانها تبدء بمشهد القيامة مزلزلا مزمجرا ، ثم عذاب الذين كفروا (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) ومثل الشرك بالله (فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ) ومن ييأس من نصر الله (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ) ثم مشهد القرى الكافرة (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها) وإلى الاذن في القتال : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ ...).
ذلك كله جو القوة مهما لمعت شذر من آيها كأنها مكيات ام نازلة بين مكة والمدنية ، فان جوّ السورة جو مدني إلا ما لمحت من هذه او تلك ، مهما شابهت بعض الشيء الجو المكي لأنها في بداية الهجرة ، فليكن جوا هو عوان بين العهدين إلا في أمثال آيات القتال ، والعقاب بالمثل ، وقد يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين بايعه المدنيون وعرضوا
__________________
(١) هما الآية (١٨) و (٧٧) وفي الدر المنثور ٤ : ٣٤٢ ـ اخرج احمد وابو داود والترمذي والحاكم والبيهقي في سننه وابن مردويه عن عقبة بن عامر قال قلت يا رسول الله أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) نعم فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما وفيه عن خالد بن معدان ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين واخرج ابن أبي شيبة عن علي وأبي الدرداء أنهما سجدا في الحج سجدتين.