فتكفرون أنتم كفرا او كفرانا ، ثم يكفر العالمون الناظرون إلى ذلك المسرح اللعين ، كفرا بشرعتكم ، زعما انها هي التي تأمركم او تسمح لكم بهكذا تبذير وحشي لا يعرفه الوحوش في الغابات والفلوات!
(لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها) كما كان يزعمه المشركون ، ملطخين البيت بدمائها ، مهدّرين لحومها للسباع لأنها قدّمت لله فلا توكل! ـ.
(وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) اتقاء عن ان تذكروا اسم غير الله عليها ، ام تبخلوا عن هديها ، ام تهدروا لحومها ـ «كذلك» الذي ذكرناه (سَخَّرَها لَكُمْ) ذبحا شرعيا واكلا وايكالا للجياع ، على تقوى من الله في هذه الساحة الدامية ، دون طغوى منكم بتبذير وحشي موحش ، بحرمان أهليها الفقراء.
كذلك (سَخَّرَها لَكُمْ) ربكم (لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) تكبيرا بتقواكم ، وتكبيرا باطعام الفقراء من عباده ، لا تصغيرا لله بتلك الطغوى والتهدير والتبذير (وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) في هديهم ، حيث يراعون فيه تقوى الله ، دون المسيئين في هديهم تلك الإساءة المخزية المزرية.
ذلك ، وقد عدت بهيمة الانعام الاضاحي من منافع الحج الجماعية العالمية للمسلمين (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ ... لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ).
فحين تجمل (مَنافِعَ لَهُمْ) تلك المنافع الهامة المنقطعة النظير ، ثم يفرد منها بالذكر (ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) أكلا وإطعاما ، اعتبارا انها من أهم المنافع مادية ومعنوية ، فهل ان ذلك التهدّر في لحومها من (مَنافِعَ لَهُمْ) الشاخصية؟ فما هي (مَنافِعَ لَهُمْ) في ذلك التبذير المنقطع النظير اقتصاديا ، وما هي في ذلك الإعلان الجاهر بسماح ام فرض واجب على