في الله ، واطعاما لعباد الله ، ولكنا بدلنا قيامه سقوطا وإسقاطا لهذه الشعيرة الغالية عن أعين الناس ، واثباتا لوحشية منقطعة النظير في شرعة الناس أمام النسناس.
أو هكذا يكون ذلك البيت العتيق بمناسكه (مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ .. وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (٣ : ١٦) فحتى الحشرات حيث لا تؤذى ، وأما بهيمة الانعام فتؤذي هكذا دونما نفع إلا ضرا راجعا إلى أصل الإسلام والإسلام الأصل.
وما هي هذه البركة والهداية للعالمين ، وتلك الساحة الدامية المدمية في منى دركة وضلال للعالمين؟!
أم هكذا يكون البيت مثابة للناس وأمنا : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) (٢ : ١٢٥) أمثابة في مثل ذلك التهدير التبذير ، ولكي يدرس المسلمون كيف عليهم ان يبذروا أرزاقهم أمام الملايين من الجياع ، وكما يفعله الاستعمار الكافر ، فقد نرى السلطة الامريكية كيف تلقي ملايين الاطنان من الحنطة والشعير في البحر ، لكي يبقى الجياع جياعا ، وان وراءه سياسة ابليسية؟.
فما هي سياستنا الإسلامية السامية في ذلك الإسراف العجيب والتبذير الرهيب؟!
تلك الاضاحي المهداة والأتلال من اللحوم الزكية ، هي ـ فقط ـ للبائس الفقير والقانع والمعتر ، وما الأمر بالأكل منها للمهدين إلا ادبيا تأديبيا ليصطفّوا هناك في صفوف الفقراء دون تميّز عنهم ، ومحقا للسنة الجاهلية حيث كانت تحرّم الاكل منها وإيكالها ، وقد يكفي هذا وذاك رفعا للحظر عن الاكل منها لأنها ـ فقط ـ للفقراء ، وهم الركن الركين والمتن المتين في هذه