أترى (أَنْ يَقُولُوا) هو ـ فقط ـ قول بالأفواه والأعمال لاهية والقلب لاه؟ ذلك القول الهازىء قولة المنافقين ، وهي تتطلب الإفراج دون الإخراج ، بل هو قول ينبئ عن عقيدة صارمة ظاهرة في الأفعال والأحوال على اية حال ، حيث يحرج غير الموحدين لحد إخراجهم من ديارهم : (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (٨٧ : ٨).
فإذن الله لهم بالدفاع دفاع ، وأمرهم إياهم بالدفاع دفاع ، ونصرته إياهم زاوية ثالثة من الدفاع قد يعنها كلها (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ ...) وهكذا الأمر (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ..).
فذلك الدفع يجمع مثلثه تكوينا وتشريعا ، تطبيقا منهم ونصرة من الله ، لولاه لكان مسرح الحياة كله للشر والطغيان ، دون اية مجالة للخير والايمان (وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ).
هنا (دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) تعم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفاع والجهاد ، فالناس الآخرون هم المؤمنون القائمون بشرائط الايمان في الأمر والنهي والدفاع والجهاد ، وليس كل الناس ، ف «لا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به ولا ينهى عن المنكر من قد امر ان ينهى عنه» (١).
__________________
ـ وان ابى ان لا يكون مجاهدا على ما فيه من الإصرار على المعاصي والمحارم والاقدام على الجهاد بالتخبيط والعمى والقدوم على الله عز وجل بالجهل والروايات الكاذبة فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل ان الله تعالى ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم فليتق الله امرء وليحذر ان يكون منهم فقد بين لكم ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل ولا قوة الا بالله وحسبنا الله عليه توكلنا واليه المصير» أقول : الأرقام الاخرى راجعة إلى مقتطفات من الحديث فلتراجع.
(١) نور الثقلين ٣ : ٥٠١ في روضة الكافي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول ـ