الرسل في سنة التكذيب فانها مطردة عبر الرسالات كلها.
ثم «ثم اخذتهم» تنديد شديد بهؤلاء الاغباش الأنكاد ، وقد كانوا من سبقوهم أشد منهم وأقوى ، أخذ شديد بعد إملاء وإمهال مديد ، وأمدّهم قوم نوح ثم فرعون ثم إخوانهم «ان أخذ ربك لشديد».
ولماذا يفرد موسى في جملة خاصة بتكذيب مجهول دون (قَوْمُ مُوسى)؟ لأنه كذبه القبط الفرعوني كأصل ، مهما كذبه قومه أحيانا عن جهالة وغباوة دون فرعنة وعناد ، كذبه هؤلاء وأولاء رغم آياته البينات التي هي اكثر من آيات الرسل الذين قبله! وضخامة الأحداث التي صاحبتها ، فعليك بالتصبّر يا حامل الرسالة الأخيرة لتجتاز كل العقبات وتتحمل كل العقوبات فانك موعود بالنصر كمن سبقوك من حملة الرسالات ، والمكذبون موعدون بالأخذ النكير (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ)؟ : نكراني عليهم عمليا في هذه الأدنى وهي ليست دار جزاء ، فويلاهم إذا من الأخرى ، وانه هنا نكير الطوفان والغرق والتدمير ، والخسف والهلاك والزلازل والعواصف والترويع ما يعجز عنه التعبير.
فتلك مصارع الغابرين المذكورين في صحائف التاريخ أمام الحاضرين والآتين ، إنذارا للمكذبين وتبشيرا للمؤمنين ، ولهم نظائر دونهم او أمثالهم :
(فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) ٤٥.
قرى كثيرة في الطول التاريخي والعرض الجغرافي «أهلكناها» مساكن بساكنيها (وَهِيَ ظالِمَةٌ) أهلها ، لحد كأنها هي الظالمة بجوّها ، (أَهْلَكْناها فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) والعروش هي كل السقوف القائمة على الجدران ، والأشجار الجنات القائمة على العمدان ، وعرش السلطان ام أيا