بل وعمى القلوب تصد الصدور عن الانشراح ، والعقول عن التعقل ، كما الإبصار عن الأبصار ، فتعطّل في عماها كل الأبصار عن الإبصار (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)!
اللهم أنر ابصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق حجب النور فتصل إلى معدن العظمة ، ولا تجعلنا ممن لهم (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ. أَبْصارُها خاشِعَةٌ) (٧٩ : ٩) فانها عميت وكلّت يوم الدنيا ثم (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)(٤٧) ـ
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (٣٢ : ٥).
وترى كيف تتجاوب الآيتان هاتان وآية المعارج : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً. إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً ، يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ ...) (٦ ـ ٩)؟ فأين الف سنة من خمسين الف سنة!
علّ المعني من ألف الحج انه في شدة العذاب كألف سنة مما تعدون اي ٣٥٥٠٠٠ ضعفا ، فلما ذا يستعجلون العذاب وكل يوم منه عند ربك في شدته كذلك الضعف الهائل.
ثم والف السجدة ـ علّه ـ هو واحد الزمان لعروج الأمر اليه عند الساعة ، فقد يعني انه يعرج امره اليه في واحد من الزمان قدر ما كان يفعله يوم الدنيا من تدبير الأمر في الف سنة مما تعدون ، فالف الحج يصّور شدة العذاب ، والف السجدة تصوير لسرعة النفاد ، وعل الألفين ـ كل فيما