بهذه الإلقاءات تثبت على ما كانت من الايمان واليقين شرط ان تنحو منحى الإيمان واليقين ، وذلك هو النظر الموعود للرسل والمؤمنين :
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٤٠ : ٥١) (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) (٣٧ : ١٧٢).
فليست امنية الرسل هي فقط آيات الوحي الرسالية حتي يفسّر إلقاء الشيطان فيها بزيادة عليها ، فانها حاصلة دفعة واحدة ام تدريجية طيلة كل رسالة دون حاجة إلى تمنّ ، ف «تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى» ليست من تلك الإلقاءات في آيات الوحي المحمدي ، بل هي من إلقاءاته على مختلقيها ، مردودة إليهم ومضروبة عرض الحائط ، حيث تضاد طبيعة الرسالة ولا سيما هذه الأخيرة السامية.
وتراه كيف ينطق هكذا عن أضل الأهواء الشركية (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٥٣ : ٤) تصون تنطقاته كلها كتابا وسنة عن كل هوى حتى العقل ، حاصرا لها في وحي يوحى؟!
ام كيف يتقول على الله هكذا (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) (٦٩ : ٤٦) ولم نره حينا ما مقطوع الوتين او مأخوذا باليمين ، إلا في مزيد من التامين المكين ، والتأييد الرصين! : (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) (١٠ : ٢٥) ثم (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً. وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) (١٧ : ٧٤) هذه ، تجتث عنه جذور هذه الفتن ، والمسايرة بها ليتخذوه خليلا كما افتراه عليه مختلقو الغرانيق العلى!.
ثم الله ضمن له ألّا ينسى الوحي فلا يزيد عليه ولا ينقص منه ،