سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (٨٧ : ٦) وليست أمثال قصة الغرانيق الا من سلطان الشيطان شر سلطان ، وليس الا على الغاوين : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) (١٥ : ٤٢) (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٣٨ : ٨٢) ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو من أخلص المخلصين ، وهو أول العابدين.
وفرية الغرانيق تعارض هذه الآيات وطبيعة الرسالات ، وتكذب هذه التضمينات والصيانات لأبعاد الرسالات ، فهي باطلة متنا مهما كثرت فيها الروايات ، كما هي ضعيفة سندا ، حيث رواها المطعون فيهم ، وحتى لو صحت أسنادها فهي كاذبة المتون لمعارضة القرآن ، وان الآية نفسها لا تتحملها.
هؤلاء المختلقون هم من اعداء الرسل وكما قال الله : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) (٢٥ : ٣١) (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً. وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ. وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ) (٦ : ١١٣) والافئدة هنا هي القلوب المتفئدة بنيران النكران حيث تستزيد نكرانا على نكران.
فإيحاء زخرف القول غرورا منهم هو ـ فقط ـ إلقاءهم ، سواء في الأجواء والقلوب ، ام في كتب السماء ، والقرآن مصون عن ذلك الإلقاء ، ثم لا تصغى إلى زخرفاتهم إلا (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ).
ولماذا (أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) إذ (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) ثم الله لا يصد عن ذلك الإلقاء الزخرف؟ :
(لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ