تتجاوبان باختصاص آية الفاطر بخاصة آية الحج (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) دون فوضى ، بل كما في الحج اصطفاء منهم كما من الناس ، ام يعني اصطفاء الحج رسالة الوحي إلى رسل الناس ، و «جاعل» الفاطر يعني مطلق الرسالة حيث تعم امور التكوين والتشريع ، إذا فبين رسالة الملائكة والناس عموم مطلق ، فمن رسول ملائكي من لا يحمل وحي الشرعة ومنهم من يحمله ، ورسل الناس انما يحملون وحي الشرعة مهما كانوا يحملون آيات تكوينية حجة على رسالاتهم بإذن الله.
والتجاوب مع ذلك الاصطفاء الرباني سرا وإعلانا ، ذلك من قدر الله حق قدره في ربوبيته ، حيث الرسالة كونية وشرعية هي من قضايا رحمته تعالى وعلمه وقدرته وقوته وعزته (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) ما تسألون من حاجة بلسان قال او حال ، وما تقولون من نكران للرسالة «بصير» بحاجاتكم ومصلحياتكم ، فلولا علمه سمعا وبصرا بسؤلكم لما أرسل ، ولولا قدرته ورحمته على علمه لما أرسل ، ولكنه لقوي عزيز سميع بصير ، مما يفرض الرسالة المصطفاة هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) ٧٦.
(ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) هو ما يستقبلونه من تصرفات وحالات ومقالات صالحة لرسالة السماء ، (وَما خَلْفَهُمْ) هو ما يستدبرونه من ماضيهم المشرق المشرّف ، ظرفا صالحا ل (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) لذلك الاصطفاء الرسالي ، فليسوا ـ إذا ـ ليتخلفوا عن صالح الرسالة وامانتها ، وذلك قضية علمه المحيط وحكمته المحلّقة على كل ما دق وجل ، جل جلاله وعظم شأنه.
اجل (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ