سورة «المؤمنون» وكل سور القرآن هي للمؤمنين ، الا ان الجو الشامل فيها هو جو الايمان ، صفات الايمان ، ودلائل الايمان في الآفاق والأنفس ، وحقيقة الايمان وحده وتفرق الناس عنها ، وما للمؤمنين من فضائل الأخلاق والأعمال ، ولمن سواهم من رذائل الأخلاق وسفاسفها. فهي تبدء بفلاح المؤمنين الحاملين شروطات الايمان في آيات عشر «من أقامهن دخل الجنة» (١) و (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) توضيحة للعاشرة دون ان تحمل مواصفة زائدة.
ثم عرضا لخلق الإنسان وخلق الطرائق السبع وإنزال نصيب الأرض من ماء السماء ، ثم قصصا من دعوات الرسل وعرقلات الناكرين منذ نوح ورسل بعده إلى موسى وهارون وعيسى بن مريم ، توحيدا لدعواتهم وأممهم ، وإلى خاتم النبيين ، بما يطمها ويتمها من دلائل التوحيد والوحي والمعاد ، وكلها تحول حول صالح الايمان وطالح الايمان.
وفي بعض الروايات اليتيمة ان عليا (عليه السلام) قرء هذه الإحدى عشر عند ولادته أمام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (٢) وفي لطيمة انه
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٢ ـ اخرج جماعة عن عمر بن الخطاب قال : كان إذا انزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل فانزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسرى عنه فاستقبل القبلة فرفع يديه فقال : اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وأرضنا ثم قال لقد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ : قد أفلح المؤمنون حتى ختم العشر واخرج آخرون عن يزيد بن بابنوس قال قلنا لعائشة كيف كان خلق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قالت : كان خلقه القرآن ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنون فقرأ حتى بلغ العشر فقالت هكذا كان خلق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
(٢) بحار الأنوار ٣٥ : ١٧ في رواية شعبة عن قتادة عن انس عن العباس بن عبد ـ